رحلة اثام بقلم منال سالم
شديدة جعل داخلها يرتبك تحيرا
لأ بس أنا كنت
حابب أجيبلك حاجة تفرحك.
ترددت في أخذها منه وقالت بحرج وهي تعيدها إليه
شكرا مكانش ليها داعي.
أصر عليها بملامح جادة
هزعل جدا لو رفضتي تاخديها.
دون أن يتكلم سرعان ما سحبت تهاني يدها وبدأت تفض الورق اللامع لتنظر إلى ما أحضره تفاجأت بزجاجة عطر باهظة الثمن رفعتها إلى مستوى نظرها متأملة إياها بانبهار واضح قبل أن تتحول عيناها إليه متمتمة بابتسامة رقيقة
بادلها الابتسام وهو يقول بشيء من التمني
يا رب يعجبك أنا مش عارف إنتي بتحبي أنهو نوع بس حسيت إن ده مناسب لشخصيتك أكتر.
نزعت الغطاء ونثرت القليل من العطر في الهواء لتستنشق رائحته بعمق تغلغلت في رئتيها وأنعشتها مجددا نظرت ناحيته لتخاطبه بملامح مبتهجة قليلا
ريحته جميلة أوي.
علق عليها في انتشاء
مبسوط إنه عجبك.
متشكرة جدا يا دكتور ممدوح.
قال عن قصد ليزيد من ربكتها
أنا اللي شاكر جدا للبهجة اللي بترسميها بوجودك في المكان.
رمشت بعينيها في دهشة متعجبة فاستأنف بهدوء وكأنه لم يقل إلا ما رآه مناسبا
عجزت عن إيجاد المناسب من العبارات لتوصيف ما يفعله فعبرت عن ذلك بغير مبالغة
رسم على ثغره هذه الابتسامة الرائعة مخاطبا إياها
ولا حاجة كفاية إني أشوفك مبسوطة كده.
وليضمن إبقاء تأثيره عليها أضاف عن عمد
وما تشليش هم مهاب أنا كفيل أقنعه بأي حاجة.
بلا تفكير أخبرته في نزق
يا ريت لو تقدر تخليه يطلقني.
سكت للحظات قبل أن يفوه بحذر
هحاول بس خدي بالك هو دايما عنيد في حاجات معينة.
المشكلة إني مش فارقة معاه أصلا.
رد عليها بصوته الهادئ
الوضع بقى دلوقتي مختلف.
وكأنه تتأكد مما لمح إليه فسألته
قصدك بسبب الحمل
أيوه.
غامت تعابير وجهها فأوضح لها بنوع من التحذير المستتر
ده هيخليه يفكر مليون مرة قبل ما ياخد قرار باعتبار إن اللي في بطنك يخصه.
قالت في أسى
صعب أجيب طفل أظلمه بأب زيه إنت مش عارف هو وحش إزاي.
كل مشكلة وليها حل خلينا بس دلوقتي نستمتع بالأجواء الجميلة دي.
هزت رأسها موافقة وسألته
هو العرض هيبدأ امتى
قال مشيرا بعينيه نحو الستارة الحمراء
أظن خلال 5 دقايق بالكتير.
يتبع الفصل الخامس عشر الجزء الثاني
الفصل الخامس عشر الجزء الثاني
ليلة مغلفة بالدموع
زجاجة العطر التي أهادها لها ممدوح بعد ليلة دافئة وعامرة بالاهتمام كانت شاهدا على الفارق بين الصديقين في المعاملة نثرت تهاني رائحتها المٹيرة على جسدها وهي مسجاة على سريرها استنشقت عبيرها الساحر بعمق حتى شعرت بها تسكرها تبسمت في مرارة وخاطبت نفسها في ندم
مش لو كنت صبرت شوية كنت آ...
عجزت عن إكمال جملتها للنهاية وكأن الكلمات تجمدت على طرف لسانها فلم تستطع الإفلات من بين كان من غير الصواب أن تعقد مثل هذه المقارنة بينهما لكنه من دفعها لذلك بتصرفاته القاسېة معها. تغلغلت الرائحة أكثر في رئتيها فتذكرت كلام ممدوح معها وهو يستحثها على العودة لمتابعة دراستها مع وعده بتقديم كامل العون لها لتحقق ذاتها جرفها ذلك العلمي للتمسك بأمل جديد في عدم الاستسلام لحصار مهاب المهلك عليها بمقاومته فإذ ربما تظفر بأي شيء ينسيها خطئها.
امتلأ السطح عن آخره بالمدعوين من الجيران والمعارف والأقرباء لحضور
حفل الزفاف الشعبي خاصة مع انتشار الشائعات والأخبار عن طبيعة هذه الليلة الخاصة لكونها تمس سمعة وشرف إحدى قاطنات المنطقة. بدا الجميع متشوقا لمشاهدة ما يحدث فور وقوعه لذا كان الزحام غير عادي بالنسبة لعائلتين لا تملكان الكثير من الصلات القوية. شعرت فردوس وهي تجلس على المقعد الخشبي المبطن بقماش القطيفة الأحمر مجاورة لزوجها الجالس على مقعد مماثل بوجود خطب ما فالأعين كلها مرتكزة عليها بشكل أرعبها وكأنهم ينتظرون منها شيء ما زالت جاهلة به.
على قدر المستطاع تغاضت عن نظراتهم المزعجة ورسمت هذه الابتسامة المسرورة على محياها بالرغم من الارتباك الطبيعي الذي يساورها. مالت عليها والدتها فانتشلتها من شرودها السريع حينما ربتت على كتفها في حنو نظرت إليها متسائلة بعينيها فهمست لها في أذنها بتضرع
ربنا يجعل ليلتك مبروكة ويفرح قلبك يا ضنايا إنتي صبرتي كتير.
ردت بنفس الابتسامة
يا رب.
اعتدلت عقيلة واقفة واتجهت ببصرها نحو شقيقتها التي راحت تصفق بكلتا يديها في حماس وهي تخاطب من حولها
ساكتين ليه يا حبايب زغرطوا كده وإملوا الدنيا بهجة خلي الكل يفرح ويتبسط.
أطلقت مثل النساء زغرودة عالية قبل أن تدندن مع نغمات الأغنية الدائرة في الخلفية بينما همهمت عقيلة بصوت شبه حزين وملتاع كأنما تكلم نفسها
ياما كان نفسي أختك تبقى حاضرة معانا.
سمعت فردوس هذه الشكوى رغم اختلاطها بالصخب فسألتها كنوع من الاستعلام
ماتصلتش خالص يامه بعد ما بعتي جواب ليها
أجابتها بحزن ما زال حيا بداخلها
لأ يا دوسة زي ما تكون نسيتنا.
ردت مؤكدة عليها
مسيرها تكلمنا ما إنتي عارفة لما بتحط دماغها في العلام والمذاكرة ما بتعرفش حد.
لم تكن مقتنعة تماما بتبريرها وقالت في إنكار
بس مش للدرجادي هي في غربة وبعيدة عننا.
قبل أن تضيف أي شيء جاءت أفكار وسحبت شقيقتها من ذراعها للجانب قائلة بوجه مبتسم على الأخير
وسعي ياختي
شوية أما أكلم دوسة كلمتين.
طالعتها فردوس بغرابة وسألتها في قليل من التوجس الحائر
خير يا خالتي
ظلت محتفظة ببسمتها الغامضة وهي تخبرها
بصي يا حبيبتي إنتي عارفة غلاوتك عندي وما بعملش إلا اللي فيه مصلحتك وبس صح كلامي
أومأت برأسها مرددة
مظبوط.
تابعت خالتها حديثها بنفس الأسلوب الغامض
لما ليلتك تخلص على خير عاوزاكي تنفذي اللي هقولك عليه بالحرف عشان نفرح بيكي كلنا.
سألتها بقلق أخذ في التصاعد
في إيه
منحتها نظرة ذات مغزى ورائها الكثير مما حيرها قبل أن تجيبها بما لم يرحها أبدا
هتعرفي بعدين بس اسمعي كلامي وإنتي تكسبي.
ثم فوق رأسها قبل أن تعاود التصفيق والتهليل الفرح تاركة ابنة شقيقتها على وضعها الحائر المتخبط تأكل رأسها الأسئلة والخواطر المزعجة.
من المفترض أن ينصرف الضيوف بعدما ينتهي ذلك التجمع لكن للغرابة ظل الغالبية حاضرين بالأسفل متجمهرين أمام مدخل البناية كما لو كانوا يترقبون حدوث شيء ما لم تعلق فردوس على ذلك وتغاضت عنه مثلما اعتادت أن تتغاضى عما يؤرقها مؤخرا. هبطت الدرجات على مهل وساعدتها إجلال على رفع طرف ثوب عرسها لئلا تتعثر فيه وتتعرقل على السلم. انتابها التوتر واختلط برهبتها من مجرد محاولة التفكير في تفاصيل ما سيأتي من ليلتها لم توضح لها والدتها أي شيء واكتفت بالقول الشائع عند العموم
جوزك فاهم وعارف هيعمل إيه.
وكأن في جهلها نعمة! لم تسع لاستنباط ما اعتبرته متجاوزا ولا يليق الحديث عنه طالما هي لا تزال . ضحكت إجلال وخاطبتها في مرح
عاوزاكي بقى تدلعي يا دوسة ده يومك النهاردة.
ردت عليها وهي تحاول النظر إليها من طرف عينها
ما توترنيش أكتر من كده.
ضحكت مجددا وأكدت لها بمحبة صافية نابعة من قلبها
هتعدي على خير إنتي بنت حلال وعوض أفندي راجل محترم وبيعرف في الأصول.
حادت ببصرها عنها محدثة نفسها في استياء
وأنا أعرفه منين ده زيه زي الغريب عندي.
سرعان ما انتشر الحزن على صفحة وجهها لتتابع حديث نفسها المهمومة وقد دلفت من باب منزلها
منها لله اللي حرمتني من فرحتي الحقيقية!
الطريق إلى غرفة النوم الخاصة بالعروسين كان معروفا ومع ذلك لم تتركها والدتها أو خالتها بمفردها بقيت كلتاهما معها وهي تنتظر جالسة على الفراش قدوم زوجها للانفراد بها خجلت فردوس من تبديل ثوب عرسها وارتداء هذا الزي الوردي الشفاف الكاشف لكل ما هو مشوق. شبكت كفيها معا ونظرت إليهما في استحياء أرادت أن تعتاد أولا على وجوده قبل أن تباشر طقوس هذه الليلة المميزة. بادرت أفكار بالكلام حينما ساد الصمت لوقت فقالت بجدية غريبة رغم خفوت صوتها
الناس مستنية البشارة.
حدجتها عقيلة بنظرة محذرة قبل أن تردد في تجهم عجيب باعث على الاسترابة
مالوش لازمة نحكي فيه دلوقتي.
استغربت فردوس من حديثهما الغامض والموحي شعرت أنه متعلق بها وإلا لما بقيت والدتها على تكشيرتها تلك منذ مطلع النهار وحتى الآن لم تترك نفسها لحيرتها وتساءلت بقدر من الشك
هو في إيه
انعكس التردد بشكل واضح على وجه أمها ألقت نظرة سريعة على شقيقتها التي بدت غير مبالية على الإطلاق بما يصير مع ابنتها حولت ناظريها عنها وحاولت التفسير لها لكن الكلمات لم تسعفها تعذر عليها إيجاد جملة مناسبة تستهل به بوحها بهذا الأمر العويص لذا خرج صوتها مذبذبا مغلفا بالاضطراب
بصي يا بنتي إنتي لازما تبقي متأكدة إنه كلنا غرضنا نطمن عليكي تكوني آ....
قبل أن تشرع في الشرح لها باستفاضة قاطعتها قدوم إحدى السيدات المتشحات باللون الأسود من رأسها لأخمص قدميها حيث اقټحمت الغرفة هاتفة بتهليل
مبروك يا عروسة إن شاءالله الكل يفرح بيكي وأهلك يرفعوا راسهم
لفوق.
كانت المرأة غريبة كليا عنها لم ترها مسبقا ولا تذكر أنها التقت بها في أي مناسبة سابقة كانت تعابير وجهها عابسة نظراتها توحي بالإظلام أحست بالخۏف يتسرب إليها ورغم ذلك غالبت شعورها الغريزي لتستنكر وجودها غير المسموح به هنا لذا سألتها فردوس في استفهام مشوب بالحيرة
إنتي مين وبتعملي إيه هنا
لم تتمكن من الحصول على جوابها حيث لحقت بها امرأة أخرى تماثلها في ارتدائها للثياب السوداء وفي ضخامة الجسم وكذلك الملامح الجادة المكفهرة أمرتها الثانية في صوت صارم وهي تشير بيدها
افردي ضهرك كده يا عروسة.
انقبض قلبها خيفة منها فنهضت واقفة لتوجه سؤالها إلى والدتها في توتر متزايد
مين دول يامه
شاركتها في الشعور بمشاعرها الخائڤة وحاولت بث الطمأنينة إليها فقالت وهي تمسح على وجنتها
مټخافيش يا ضنايا دول هنا عشانك.
في التو انزوى ما بين حاجبيها وعلقت متسائلة في خوف أكبر
عشاني ليه
بلعت ريقها وقالت وهي تنظر من فوق كتفها للمرأتين المنتظرتين في الخلف
دلوقتي هتفهمي.
صاحت المرأة الأولى تأمرها في صوت غليظ
اسمعي الكلام يا عروسة.
ارتاعت فردوس من طريقتها المريبة في التعامل معها ناهيك عن تحيرها الكامل من سبب وجودها في غرفة نومها في مثل هذا اليوم راح شعور الضيق يتسلل إليها فالتفتت إليهما متسائلة في شيء من الھجوم
إنتو عاوزين