الخميس 12 ديسمبر 2024

مذاق العشق بقلم سارة المصرى

انت في الصفحة 37 من 70 صفحات

موقع أيام نيوز


يظل قابعا فى حزنه طيلة هذا الوقت 
لم يظن ان مشاعره لصوفيا قد وصلت الى هذا الحد لم يصنفها سوى انها رغبة او نزوة ومع الوقت ربما يستجيب للامر الواقع ويسلم لقدره مع ابنة عمه 
لم يتوقع ان يطول حزنه للدرجة التى تمنى فيها لو دفعه ليتزوج بصوفيا دفعا ان كان فى هذا سعادته ولكنه كان يبتعد ويبتعد حتى انه ترك العمل فى مجموعة البدري ليبدأ مشروعه الخاص 

مصنع صغير أسسه مع صديقه 
لم يستطع ابوه وقتها ان يعترض فلقد اعترض بما يكفى وبذلك اصبح ابناء البدرى كل منهم فى طريق فحسام قد اصبحت له شركته الخاصة التى تحقق نجاحات متتالية وزين بمصنعه الذى ينمو على يديه ويحقق ارباحا لابأس بها ويوسف وحده اصبح من يدير هذا الصرح الكبير رغم محاولاته الدائمة لاعادة زين انتبه الجميع على صوت ايلينا وهى تقول 
السلام عليكم 
رد الجميع تحيتها قبل ان تتخذ مجلسها الى جوار يوسف الذى نظر اليها فى حب فابتسمت له فى حزن لم يعرف له مبرر 
لم يحتمل ان يخفى سعادته اكثر فامسك بشوكة وطرق بها على الطبق قائلا 
يا قوم اسمعونى عند ليكو خبر حلو اوى 
الټفت له الجميع فى اهتمام فواصل بعد ان امسك بكف ايلينا وقبل باطنه 
قريب اوى ان شاء الله هيشرف ولى العهد اول حفيد لعيلة البدرى 
شهقت سميرة وهى تضع يدها على ثغرها في سعادة بينما رفع محمود نظره الى الاعلى وهو يتمتم بالشكر لله والأسرع كان زين الذى اندفع الى شقيقه محتضنا اياه في حنان 
مبروك يا يوسف 
ومال ناحية ايلينا 
الف مبروك يا ايلينا ربنا يتمملك على خير 
نظر يوسف الى امه مضيقا عينيه من علامات الصدمة التى لازالت تكسوها ليداعبها 
ايه يا ست الكل مفيش مبروك 
رفعت سميرة يديها من على ثغرها وحاولت النطق ولكن دموعها المنسابة منعتها فاقترب يوسف ليقبل كفها قائلا 
ايه يا ست الكل نفرح نعيط نزعل نعيط 
ضمته اليها وصوتها يتهدج من دموع السعادة التي تحجزها خلف جفنها بصعوبة 
واخيرا يا يوسف هشوف عيالك 
واطلقته من بين ذراعيها لتنظر الى ايلينا وتضيف 
مبروك يا
ايلينا 
بدت ايلينا شاردة تماما فناداها يوسف لتنتفض وترد مباركة سميرة 
الله يبارك فيكى يا ماما 
التفتت سميرة الى زين وقالت 
عقبالك يا حبيبى 
نظر زين الى سمر فى سخرية والى والده فى لوم قبل ان يعود الى والدته قائلا في روتينية واضحة 
ان شاء الله يا ماما 
اما يوسف فنظر الى ايلينا يسألها فى قلق 
ايه مالك يا ايلينا وشك متغير ليه 
مسحت وجهها بيديها وهي تقول 
اصل كلمت صوفيا عشان ابلغها وافرحها بس وصمتت وهى تخفض رأسها فانطلق لسان زين دون تفكير كأنه تحدث بصوت قلبه وبلغته 
مالها صوفيا يا ايلينا 
الټفت له الجميع فى دهشة وخاصة سمر التى احمر وجهها بشدة وهى ترمقه فى غيظ اما ايلينا فلم تدهش لرد فعله فهى متأكدة من انه لازال يحمل فى قلبه لصوفيا كل الحب تنهدت فى حزن وهي تبسط كفيها أمامها 
هيا كويسة بس والدتها توفت 
تمتم الجميع فى حزن 
لاحول ولا قوة الا بالله 
التفتت ايلينا الى يوسف وهى تمسك بكفه راجية 
انا لازم اسافرلها يا يوسف دى خالتى برضه ولازم اطمن على صوفيا 
ردت سميرة بسرعة قبل أن يجيب يوسف 
انتى بتقولى ايه بس يا بنتى سفر ايه وانتى لسة فى بداية الحمل 
هز يوسف رأسه مؤكدا لكلام امه 
سفر ايه مش هتستحملى 
نظرت لهما فى تعب وأخبرتهما في لهجة حاسمة 
انا هاخد بالى متخافوش مينفعش اسيب صوفيا لوحدها فى ظرف زى ده 
تنحنح زين فى هذه اللحظة واستئذن فى الانصراف بينما عينا سمر تراقبه فى حنق نهض محمود ليتبعه بينما ظلت سميرة ويوسف يحاولان اقناع ايلينا بالعدول عن فكرة السفر حتى

قالت فى النهاية فى محاولة لارضاء جميع الاطراف 
خلاص يا جماعة احنا هنروح للدكتورة النهاردة وزى ما هتقول هنعمل 
اقتنع الجميع بهذا الرأى وبالفعل ذهبت ايلينا مع يوسف الى الطبيبة التى حينما اخبرتها ايلينا بحتمية سفرها وافقت ولكن بتعليمات مطولة وادوية كثيرة تشمل العديد من مثبتات الحمل 
لم يقتنع يوسف بكل هذا وحاول من جديد اقناعها لتعدل عن السفر ولسوء حظه انه ارتبط بكثير من الاعمال التى لا يمكن تأجيلها ليرافقها كما ارتبط علي شقيقها بدوره بدراسته وتدريباته وبعد محاولات مضنية باءت بالفشل أمام اصرارها الواضح رضخ لها فى النهاية وتحدد موعد سفرها فى اليوم التالى 
دلف الى غرفته ليتفاجىء بمحمود يتبعه نظر اليه بعدم اكتراث وبدأ فى خلع سترته قائلا 
خير يا بابا 
رد محمود وهو يقف فى مواجهته 
لسة بتفكر فيها يا زين 
توقف عن فك ازرار قميصه وابتسم ابتسامة قصيرة ليجيب ابيه بما لا يريح احدهما 
وهتفرق معاك فى ايه ما دام اللى عاوزه حصل هيفرق معاك فى ايه اذا كان ابنك سعيد او حزين عايز تريح ضميرك واقولك ان المستحيل حصل وان ممكن خلاص اعتبر سمر مراتي واحبها ونعيش حياتنا وننسى اللى فات 
اكمل وهو يهز رأسه ويضع يديه فى خصره 
لا يا بابا للاسف مش هيحصل وهقولهالك تانى وتالت ومليون انا مبطلتش احبها اتوجعت فى السنين اللى فاتت دي ومت فى اليوم مليون مرة محاولتش ولا هحاول ولا هقدر من اصله اني انساها 
رفع محمود رأسه اليه فى تساؤل واضح 
طب وسمر 
نظر زين الى الاعلى ليتنفس فى عمق للحظات 
انا وضحت لحضرتك من اول يوم ان سمر مستحيل تكون زوجه ليا انا اتجوزتها بس عشان شرف العيلة وعشان حسام ميتكسرش من تانى لكن انا عمرى ما هكمل معاها مش هفضل مدفون بالحيا كتير 
اقترب محمود خطوتين يسأله فى ترقب 
قصدك انك خلاص هتطلقها 
مرر زين يده فى شعره وتهكم بابتسامة صغيرة 
هوا حضرتك كنت متوقع ان جوازى منها هيكمل انا بقيت عليها الفترة اللى فاتت عشان شكلنا قدام الناس وعشان اخد وقتى انا كمان واقدر استرد نفسى اللى انت دمرتها وافتكر اني خلاص قربت 
تمعن محمود فى ولده الذى تغير كثيرا لقد حمله مالا يطاق فلابد ان تكون تلك هى النتيجة ولكن ابنة عمه ماذنبها في كل هذا 
استأذن زين فى الدخول الى المرحاض وحمل منشفته وملابسه وحين هم محمود بالخروج اصطدم بسمر عند الباب وهى تهم بدخول الغرفة 
نظر خلفه وامسك بذراعها ليخرجها بعيدا الى حيث يطمئن ان صوتهما لا يمكن ان يصل الى زين تماما قالت سمر فى ترقب 
فى ايه يا عمو 
نظر الى اليمين واليسار وهمس في حذر 
حاولى تحافظى على جوزك يا سمر بلاش استسلامك اللى هيضيعو منك ده 
واضاف وهو يقترب منها 
هوا لسة معرفش 
أخفضت رأسها وهزتها لتنفي بقوة 
مش قادرة اقول كل ما أحاول لساني يتعقد 
زفر في ضيق لايريد أن يتحدث بصراحة ولكنها تجبره بحماقتها تلك 
عايزة تفهميني ان بقالكو سنين متجوزين ومش قادرة تأثري عليه خالص ليه متجوز واحد صاحبه هوا 
احمر وجهها خجلا فلم يعبأ بها وهو يواصل في صرامة اسمعي يا سمر أنا عملت اللى عليا وجوزتهولك وانتي وقتها قلتي انك كفيلة بالباقي دى مسئوليتك انتى دلوقتي حافظى عليه لأني مش هقدر اجبره من تاني 
واضاف وهو يميل مشيرا بسبابته 
لازم يعرف الحقيقة يا سمر لو كنتى قدرتي تأثري عليه كان زمانه عرفها لوحده وتقبلها كمان لكن سكوتك ده هيخليكي تخسريه انا حذرتك وانتى حرة 
تركها عمها وذهب 
لقد حاولت وحاولت دون جدوى لم تكن دميمة ابدا بل كانت فاتنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى جسدها ممشوق ومنحوت يضج انوثة واڠراء 
حاولت استخدام كل ذلك دون جدوى 
حاولت حتى ان تتقمص دور الغوانى معه فقط لاغوائه فلم يعرها اهتماما حتى جعلها تشك فى كونها انثى من الأساس 
لم تحصل منه وهى فى قمة اغرائها الا على ابتسامة عابثة او نظرة ساخطة كأنه يخبرها ان سلعتها لا تلاقى استحسانه 
كأنه يخبرها انه محصن بتعويذه عشق خاصة تعميه عن رؤية اى انثى سوى حوريته 
يأوى الى نومه فى ملحق صغير بجناحه لم يجمعه بها فراش واحد طيلة الثلاث سنوات الماضية وليس فقط الفراش هو ما رفض ان يجمعهما فلم تجمعهما ابتسامة او حتى حوار قصير او اى مناسبة او ذكرى ماذا بامكانها ان تفعل 
تعيد محاولاتها كل يوم ويعيد هو رفضه ولكن بعد ما اخبرها به عمها ليس لديها بديل سوى ان تخوض تجربتها معه هذه المرة بكل القوى المتاحة لديها فقد اصبحت معركة حياة او مۏت وربما استسلم هذه المرة 
تنهدت ايتن فى تعب وهى تدلك رقبتها فى ارهاق وتنظر الى التاريخ فى هاتفها لترى كم تبقى على تلك المهلة السخيفة 
تذكرت هذا اليوم حين وقفت بين زميلتييها بعد ان تخطت العديد من الاختبارات للعمل فى شركة حسام الذى نشر اعلانا يطلب فيه عمالة جديدة وارفق بالاعلان الشروط التى يريدها وبالفعل حينما علمت بهذا هرعت لتقدم اوراقها لتلحق بوظيفة لديه وتمنت ان يضعها بمنصب مدير مكتبه فقد علمت ان المنصب فارغ بعد استقالة مدير مكتبه لسفره 
ثلاث سنوات مرت عليها غيرت فيها الكثير وضعت كل تركيزها في دراستها لتحقق نجاحا ملحوظا كما حصلت على العديد من الدورات وتدربت مع يوسف لبعض الوقت 
وطيلة هذه الفترة كانت تتبع اخبار حسام بسعادة ترى نجاحه وانفراده وتميزه فى مجال الاستيراد والتصدير رغم صغر سنه تسمع اسمه دوما في قائمة اكثر رجال الاعمال نجاحا لذا فقد اقنعت الجميع انها ستتقدم الى الوظيفة ولم تعبأ بدهشة احد 
لم يمنعها محمود وهو يعرف جيدا مايدور فى عقلها ترك لها الفرصة فى ان تحاول امها ايضا التى لم تعرف حتى الان بما فعلته فى حسام واخبرها زوجها بأنها انهت الخطبة بناء على رغبتها لم تصدق حينها ولكنها لم تحاول النبش عن الحقيقة 
اما يوسف فثقته بحسام بلا حدود ورأى انها فرصة مناسبة لتأديب اخته المدلله فالساذجة لاتعرف حسام فى العمل مطلقا فهو يصبح بشراسة أسد جائع منقض على فريسته حال حدوث اى خطأ حتى ان كان دون قصد 
وكانت البداية بالفعل حين تلقاهم خالد مساعده يخبرهم بقراره 
حسام بيه هيحطكو كلكو تحت التدريب لمدة شهر كامل الحضور هيبقا يوميا من سبعة ونص صباحا لخمسة عصرا هتمرو على كل الاقسام الدعايا والتسويق والحسابات كل حاجة واخر الشهر هبعت تقرير عن كل واحدة فيكو وهوا هيختار 
وبقدر ما اغتاظت من حسام لأنه لم يقابلهن ولكن غيظها الأكبر كان على شروطه المجحفة تلك 
السابعة صباحا !! 
يتبع
الفصل الحادى والعشرين
فتح باب غرفة نومه فى هدوء 
أنار المكان ودار ببصره فيه للحظات كأنه يتردد في الدخول 
لأول مرة منذ سنوات يدلف هنا دون ان يجدها فى انتظاره 
ثلاثة ايام قد مرت على قلبه ثقيلة ومملة 
حاول أن يقضى اغلبها بعيدا عن
 

36  37  38 

انت في الصفحة 37 من 70 صفحات